Posted by مهند الواكد on 5 أغسطس، 2015
جراءة نيوز -عربي دولي:
رأت روسيا أمس ان اتهامات الولايات المتحدة لنظام الرئيس السوري بشار الاسد باستخدام اسلحة كيميائية «غير مقنعة» وحذرت واشنطن من تكرار الخطأ الذي ارتكبته بغزوها العراق بعد اتهامات كاذبة لصدام حسين بامتلاك اسلحة للدمار الشاملة، مؤكدة ان قرار واشنطن دعم مقاتلي المعارضة عسكريا «سيعقد» جهود السلام، فيما اكد الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي ضرورة اجراء تحقيق ميداني بشأن الاسلحة الكيميائية.
وكانت الولايات المتحدة صعدت مساء الخميس موقفها من النزاع السوري، متهمة نظام الرئيس بشار الاسد باستخدام الاسلحة الكيميائية ضد شعبه في النزاع المستمر منذ اكثر من سنتين، فيما تخوض قوات النظام معارك ضد المعارضة في مدينة حلب.
وتعهدت واشنطن بتقديم «دعم عسكري» لمقاتلي المعارضة، من دون ان تحدد طبيعة هذا الدعم. وقال مساعد مستشار الامن القومي بن رودز ان «ذلك سيتضمن دعما مباشرا للمجلس العسكري الاعلى للجيش السوري الحر. ومن ضمن ذلك الدعم العسكري»، بدون اعطاء المزيد من التفاصيل. لكن صحيفة «نيويورك تايمز» نقلت عن مسؤولين اميركيين ان تسليح المتمردين سيشمل الاسلحة الخفيفة والذخيرة واسلحة مضادة للمدرعات دون تلك المضادة للطائرات.
واعلنت ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما انها قامت بمراجعة لتقارير استخباراتية خلصت بنتيجتها الى ان قوات النظام السوري استخدمت اسلحة محظورة من بينها غاز السارين في هجمات ادت الى مقتل 150 شخصا. ورفض مسؤولون اميركيون استبعاد المضي قدما في تسليح المعارضة في سوريا او فرض منطقة حظر جوي وقالوا ان واشنطن ستدعم المجلس العسكري الاعلى للجيش السوري الحر. وقال مساعد مستشار الامن القومي بن رودز ان «الرئيس اتخذ قرارا بتقديم المزيد من الدعم للمعارضة (السورية). وذلك سيتضمن دعما مباشرا للمجلس العسكري الاعلى للجيش السوري الحر. ومن ضمن ذلك الدعم العسكري»، دون اعطاء المزيد من التفاصيل. واعلن الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة في بيان اصدره مكتبه في الولايات المتحدة «ترحيبه بزيادة الدعم الاميركي ولا سيما الدعم العسكري المباشر». وقال البيان ان «الدعم يجب ان يكون استراتيجيا وحاسما بهدف انهاء العنف وتحقيق تحول سياسي».
وقالت دمشق ان بيان البيت الابيض «حافل بالاكاذيب» واتهمت واشنطن «بتسعير العنف والارهاب عبر تسليح المجموعات الارهابية التي تستمر بارتكاب جرائمها ضد السوريين بدعم من الولايات المتحدة وحلفائها». كما رأت ان قرار واشنطن «يعكس تورطها المباشر في سفك دماء الشعب السوري ويثير تساؤلات جدية حول صدق نواياها في المساهمة بايجاد حل سياسي للازمة في سوريا»، في اشارة الى استعدادات دولية تبذلها واشنطن وموسكو للتحضير لمؤتمر دولي سعيا لحل الازمة بمشاركة ممثلين للنظام والمعارضة.
من جهته، قال المستشار الدبلوماسي في الكرملين يوري اوشاكوف «نقول ذلك بوضوح: ما قدمه الاميركيون يبدو لنا غير مقنع». واضاف ان قرارا اميركيا بزيادة المساعدة للمتمردين «سيعقد» جهود السلام. وقال «بالتأكيد اذا قرر الاميركيون فعليا وفي الواقع تقديم مساعدة اكبر للمتمردين، مساعدة للمعارضة، فان ذلك لن يجعل الاعداد للمؤتمر الدولي اسهل». وردا على سؤال عما اذا كان القرار الاميركي بدء تسليح مقاتلي المعارضة السورية سيدفع روسيا الى بدء تسليم دمشق صواريخ اس-300 مضادة للطائرات، قال اوشاكوف «لا نتحدث عن هذا الامر بعد. نحن لا نتنافس في سوريا».
وجاءت تصريحات اوشاكوف بعدما رأى نائب في حزب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس ان المعلومات التي قدمتها واشنطن «مفبركة». وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الدوما الروسي اليكسي بوشكوف ان «المعلومات حول استخدام الاسد للاسلحة الكيميائية مختلقة في المكان نفسه الذي اختلقت فيه الاكاذيب حول اسلحة الدمار الشامل لدى (صدام) حسين». واضاف «لماذا قد يستعمل الاسد (غاز) السارين + بكميات ضئيلة + ضد المقاتلين؟ اين المنطق؟ لوقف التدخل الخارجي؟ هذا غير منطقي».
لكن في بروكسل، رحب الامين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راسموسين ببيان الولايات المتحدة «الواضح»، وقال انه «من الملح ان يسمح النظام السوري للامم المتحدة بالتحقيق في كل المعلومات عن استخدام اسلحة كيميائية». واكد ان «الاسرة الدولية قالت بشكل واضح ان استخدام اسلحة كيميائية ار غير مقبول اطلاقا ويشكل انتهاكا فاضحا للقانون الدولي»، مشددا على ان هذا الامر يشكل مصدر «قلق كبير». وفي بروكسل ايضا، صرح ناطق باسم الاتحاد الاوروبي أمس ان اعلان الولايات المتحدة يجعل «اكثر اهمية» ارسال بعثة للتحقق من الامم المتحدة الى هذا البلد. وقال مايكل مان الناطق باسم وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون «ابلغنا بقلق كبير ببيان الولايات المتحدة.. هذا التقرير يضاف الى غيره، ويجعل اكثر اهمية نشر بعثة للامم المتحدة في سوريا للتحقيق في هذه الادعاءات».
وبدت لندن الاكثر تأييدا لموقف اشنطن. وصرح وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في بيان «نتفق مع التحليل الاميركي الذي ينص على ان اسلحة كيميائية بينها غاز السارين استخدمت في سوريا من قبل نظام الاسد»، مؤكدا ان «الازمة (السورية) تتطلب ردا قويا وحازما ومنسقا من المجتمع الدولي». واضاف «علينا ان نستعد لبذل المزيد من اجل انقاذ الناس ودفع نظام الاسد الى التفاوض بجدية والحؤول دون نمو التشدد ومنع النظام من استخدام اسلحة كيميائية ضد شعبه». واضاف «سنناقش بسرعة الرد مع الولايات المتحدة وفرنسا ودول اخرى وخصوصا خلال قمة مجموعة الثماني» في ايرلندا الشمالية الثلاثاء والاربعاء المقبلين، التي سيهيمن عليها النزاع السوري. إلى ذلك، قال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ان بريطانيا غير مستعدة بعد لتسليح المعارضة السورية على الرغم من قرار الرئيس الامريكي باراك أوباما بتسليحها لكنها لا تستبعد فرض منطقة حظر جوي او اي اجراء اخر. ولدى سؤال المتحدث عما اذا كانت بريطانيا ستؤيد فرض منطقة حظر طيران قال «كل الخيارات مطروحة على الطاولة»، مضيفا أنه «لم يتم اتخاذ قرار» بشأن تسليح المعارضة.
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الالمانية اندرياس بيشك ردا على سؤال خلال مؤتمر صحافي للحكومة الالمانية «اخذنا علما بالقرار الاميركي ونحترمه»، بينما اكد المتحدث باسم الحكومة ستيفن سيبرت موقف المانيا من تسليح المعارضة قائلا «لن تسلم المانيا اسلحة لسوريا». واكد انه «لا يحق لالمانيا تسليم اسلحة الى بلد يشهد حربا اهلية»، لكنها ستستمر في تبادل المعلومات بشأن ملف سوريا مع شركائها. واضاف «نصر على ان يدرس مجلس الامن الدولي ملف سوريا للتوصل الى موقف مشترك» مؤكدا ان المانيا «قلقة جدا» للوضع في هذا البلد وعواقبه على الدول المجاورة.
وينبئ التعهد الاميركي بتقديم مساعدة عسكرية لقوات المعارضة في سوريا بخطر حصول سباق تسلح في البلاد بحسب ما اعلن أمس وزير الخارجية السويدي كارل بيلد. وقال بيلد لوكالة انباء «تي تي» السويدية «لا اعتقد ان تحقيق التقدم يكون في ايجاد سباق تسلح في سوريا. هناك خطر بان يؤدي ذلك الى تقويض شروط العملية السياسية». وقال بيلد انه يخشى سيناريو تقوم فيه الولايات المتحدة بتسليح المعارضة من جهة بينما تسلح روسيا نظام الرئيس السوري بشار الاسد من جهة اخرى. وتابع بيلد «لا شك ان ذلك سيكون خطيرا جدا وسيكون له تداعيات انسانية اخطر». كمااوردت وكالة انباء «تي تي» ان بيلد يفضل فرض حظر دولي على الاسلحة في سوريا.
وقالت صحيفة «وول ستريت جورنال» نقلا عن مسؤولين اميركيين ان الدعم العسكري الذي تعرضه الولايات المتحدة يتضمن اقامة منطقة حظر جوي مؤقت فوق مخيمات تدريب المتمردين ستمتد على مساحة 40 كلم مربعا داخل سوريا. وقد رأت فرنسا انه «من غير المرجح» ان يعطي مجلس الامن الدولي موافقته لفرض منطقة حظر جوي في سوريا. وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية فيليب لاليو «من غير المرجح ان يوافق مجلس الامن على هذا الاجراء» مذكرا بان فرض منطقة حظر جوي يمر عبر قرار الزامي لمجلس الامن. من جهته، قال الامين العام لحلف شمال الاطلسي ان صواريخ باتريوت التي نشرت على الحدود السورية التركية «ستؤمن حماية فعالة لتركيا من اي هجوم بصواريخ سورية، سواء كان كيميائيا او لم يكن».
ويأتي الاعلان الاميركي في وقت يواجه مقاتلو المعارضة السورية ضغطا شديدا على ارض المعركة من قوات النظام مدعومة من مقاتلي حزب الله. وأمس وقعت معارك ضارية في مدينة حلب (شمال)، العاصمة الاقتصادية السورية سابقا، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. وقال المرصد ان قوات النظام قصفت حي الصاخور ما ادى الى مقتل شخصين على الاقل. ولم يتضح للمرصد ما اذا كانت المعارك جزءا من هجوم اوسع كان النظام توعد بشنه على حلب وريفها التي يسيطر مقاتلو المعارضة على اجزاء واسعة منها.
وقال المرصد إن مقاتلين تابعين لقوات المعارضة السورية سيطروا أمس على تجمع لقوات النظام السوري في محافظة إدلب شمال البلاد. وذكر المرصد، في بيان إن مقاتلين ينتمون إلى عدة تجمعات تمكنوا من السيطرة على تجمع قوات النظام السوري في «مركز الإسكان العسكري» بالقرب من المدخل الشرقي لمدينة إدلب بعد «اشتباكات عنيفة» دامت ثلاثة أيام. وأضاف المرصد أن المعارك شهدت سقوط «عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوف القوات النظامية وخسائر بشرية في صفوف الكتائب المقاتلة»، فيما تحدثت «لجان التنسيق المحلية» عن «مقتل أكثر من 400 عنصر تابعين لقوات النظام» خلال المعارك ذاتها. وكان مصدر عسكري في الجيش السوري الحر أكد في وقت سابق أمس أن الجيش «سيطر على ثلاثة مداخل رئيسية لمحافظة إدلب شمال سورية». وقال المصدر إن الجيش الحر سيطر أمس على حاجز الإسكان العسكري بعد أن دارت اشتباكات مع قوات النظام حيث سقط قتلى وجرحى من الطرفين وهو ثالث حاجز على مداخل المدينة يسيطر عليه الجيش السوري الحر ما يسهل إمكانية الدخول إلى المدينة التي يسيطر عليها النظام». وأضاف المصدر أن الجيش «الحر كان يحاصر حاجز الإسكان منذ نحو 4 أيام إلى ان تمكن أمس من السيطرة عليه».
كما اعربت الامم المتحدة أمس في بيان من دمشق عن مخاوفها بشأن الاوضاع الانسانية في ريف دمشق، حيث تشير تقديراتها الى ان اكثر من 1،2 مليون شخص «بحاجة ماسة لمساعدة انسانية».